مقدمة: أسطورة التدريب تحت المجهر
بيب غوارديولا، المدرب الإسباني الذي ارتبط اسمه بالنجاح والابتكار والبطولات، يعيش موسماً من أسوأ مواسمه منذ انطلاق مسيرته التدريبية. الرجل الذي اعتاد الوقوف على منصات التتويج، وجد نفسه هذا الموسم يتلقى الصفعة تلو الأخرى، وآخرها السقوط المدوي أمام كريستال بالاس في نهائي كأس إنجلترا. فكيف تحوّل هذا العقل المدبر من رمز للهيمنة إلى عنوان للتخبط؟ في هذا المقال نكشف الأسباب العميقة وراء تراجع مستوى غوارديولا ومانشستر سيتي هذا الموسم.Mass Extreme
1. بداية موسم غير مستقرة: هل كانت الإنذارات واضحة؟
منذ انطلاقة الموسم، لم يظهر مانشستر سيتي بالشكل القوي المعتاد. تعثرات في مباريات كانت تبدو سهلة على الورق، وتراجع في الأداء الجماعي، وغياب الحسم أمام المرمى. البداية غير المستقرة كانت أول إشارة إلى أن هناك خللاً ما في المنظومة، لكن الكثيرين قللوا من أهميتها، معتبرين أنها كبوة مؤقتة في طريق العودة.Mass Extreme
ورغم أن الفريق حاول استعادة توازنه في بعض الفترات، إلا أن الفجوات كانت واضحة، وتسببت في نزيف نقاط خطير في الدوري الإنجليزي الممتاز، ما جعله يفقد الصدارة لصالح منافسيه التقليديين.
2. إصابات متكررة وضربات موجعة لأعمدة الفريق
من أبرز العوامل التي ساهمت في تراجع نتائج السيتي هذا الموسم هي لعنة الإصابات. تعرّض عدد من النجوم الأساسيين لإصابات متكررة مثل كيفين دي بروين، وجون ستونز، وإيرلينغ هالاند في مراحل حاسمة من الموسم، ما أربك خطط غوارديولا وجعل من الصعب تثبيت التشكيلة.
الإصابات لم تؤثر فقط على الجانب البدني، بل أضعفت التوازن النفسي والانسجام التكتيكي بين خطوط الفريق. غوارديولا حاول التدوير، لكن كثرة التعديلات أضرت بالثبات الفني الذي لطالما كان سلاحه الأقوى.Mass Extreme
3. الإجهاد الذهني والتشبع من البطولات
منذ قدومه إلى مانشستر سيتي في 2016، قاد غوارديولا الفريق لتحقيق كل شيء تقريباً: الدوري الإنجليزي، كأس الاتحاد، كأس الرابطة، ودوري أبطال أوروبا. لكن ما لا يدركه البعض هو أن النجاح المستمر يمكن أن يولد التشبع.Mass Extreme
اللاعبون بدوا هذا الموسم فاقدين للحافز في بعض اللحظات، وكأن الشعور بالإشباع تسلل إلى غرف الملابس. حتى غوارديولا نفسه بدا عليه الإرهاق الذهني، وظهر أحياناً عاجزاً عن بث الحماس في فريقه. فهل حان وقت الثورة النفسية داخل الفريق؟
4. العناد التكتيكي: حين يصبح الذكاء فخاً
غوارديولا عبقري تكتيكي لا يختلف عليه أحد، لكنه في بعض الأحيان يقع ضحية لذكائه. هذا الموسم، بدا واضحاً أن بيب أصرّ على تنفيذ بعض الأفكار التكتيكية المعقدة التي لم تتناسب مع وضع الفريق، خصوصاً في المباريات الكبرى.Mass Extreme
اعتماده المفرط على اللعب من العمق، ومحاولة إخراج الكرة من الخلف تحت ضغط الخصم، جعل السيتي عرضة لفقدان الكرة في مناطق خطرة. كما أن تغييره المستمر للمراكز والأدوار خلق فوضى داخل الفريق، أفقدته التماسك الذي ميّزه في المواسم السابقة.
5. تراجع مستوى بعض النجوم وعدم تعويضهم
في المواسم السابقة، اعتاد السيتي الاعتماد على لاعبين مفاتيح مثل رياض محرز، غوندوغان، وبرناردو سيلفا. هذا الموسم، ومع رحيل محرز إلى السعودية، وعدم تعويضه بلاعب بنفس الإمكانيات، تراجع الزخم الهجومي للفريق.Mass Extreme
كما أن برناردو سيلفا ودي بروين لم يكونا في أفضل مستوياتهما البدنية والفنية، فيما فشل الوافد الجديد ماتيوس نونيز في التأقلم بسرعة. غوارديولا لم يجد التوليفة المناسبة، وافتقد الفريق لعنصر الحسم في الثلث الأخير.Mass Extreme
6. المنافسة الشرسة في الدوري وزيادة الضغط
هذا الموسم شهد عودة قوية لأندية مثل أرسنال وليفربول، إلى جانب استقرار مانشستر يونايتد، ما جعل المنافسة أكثر اشتعالاً. ومع كل تعثر للسيتي، كان المنافسون يبتعدون أكثر فأكثر، مما ولّد ضغطاً متزايداً على الفريق.
غوارديولا وجد نفسه في مواجهة خصوم تعلموا الدرس من السنوات الماضية، وطوروا خططهم، بينما لم ينجح هو في الحفاظ على عنصري المفاجأة والتجديد الذين اعتاد أن يربك بهم المنافسين.
7. خسارة نهائي كأس إنجلترا: القشة التي قصمت ظهر الموسم
نهائي كأس إنجلترا أمام كريستال بالاس كان الفرصة الأخيرة لإنقاذ الموسم. الكل كان يظن أن السيتي قادر على تجاوز خصم لا يملك تاريخاً كبيراً في النهائيات. لكن ما حدث كان صدمة بكل المقاييس.
كريستال بالاس دخل المباراة بروح قتالية وخطة دفاعية محكمة، بينما بدا السيتي عاجزاً عن فك الشفرة، وظهر غوارديولا عاجزاً عن تغيير الواقع رغم كل التبديلات. الخسارة كانت بمثابة صفعة قاسية، وفتحت الباب أمام الانتقادات الحادة التي طالت المدرب والإدارة معاً.Mass Extreme
8. هل انتهت حقبة غوارديولا مع مانشستر سيتي؟
بعد كل هذه الإخفاقات، بدأ الحديث يتصاعد حول مستقبل غوارديولا. هل يستمر في قيادة السيتي أم يرحل لبدء مغامرة جديدة؟ البعض يرى أن استمراره سيعني محاولة إعادة البناء من جديد، بينما يعتقد آخرون أن رحيله بات ضرورياً لتجديد الدماء في النادي.Mass Extreme
لكن الأكيد أن غوارديولا أمام مفترق طرق حاسم. إما أن يستعيد بريقه الموسم المقبل، أو أن يُسدل الستار على واحدة من أعظم حقب التدريب في تاريخ مانشستر سيتي.
9. تصريحات غوارديولا بعد الخسارة: تلميحات أم تبريرات؟
في المؤتمر الصحفي بعد نهائي كأس إنجلترا، بدا غوارديولا محبطاً، لكنه دافع عن لاعبيه، ورفض إلقاء اللوم على أي فرد. قال: “أنا المسؤول الأول، الموسم لم يكن على قدر الطموحات، لكنني فخور بما قدمناه.” ومع ذلك، ألمح إلى “حاجة الفريق لبعض التغييرات”، في تلميح إلى سوق انتقالات ساخن قادم.
10. الدروس المستفادة: هل يتعلّم بيب من أخطائه؟
المدربون الكبار لا يُقاسون فقط بالبطولات، بل بقدرتهم على النهوض بعد السقوط. بيب غوارديولا أمام تحدٍّ حقيقي: هل يستطيع إعادة بناء فريقه وصناعة نسخة جديدة من السيتي تنافس على الألقاب؟ أم أن السقوط هذا الموسم كان بداية النهاية؟
إذا عرف كيف يتعلّم من هذا الموسم، ويعيد شحن معنويات لاعبيه، ويضخ دماء جديدة في الفريق، فقد يعود بقوة. لكن إن واصل الاعتماد على نفس الأفكار والتشكيلات، فقد يجد نفسه يتجه نحو نهاية غير لائقة بمكانته في عالم التدريب.Mass Extreme
خاتمة: السقوط لا يُلغي المجد
بيب غوارديولا ليس مدرباً عادياً، وتاريخه سيبقى شاهداً على عبقريته، مهما كانت إخفاقات هذا الموسم. لكن كرة القدم لا تعترف بالماضي، بل بالحاضر والمستقبل. واليوم، يقف غوارديولا أمام تحدٍّ وجودي: أن يثبت أنه قادر على الصعود من جديد، أو يرحل ويترك المجال لجيل جديد من المدربين.
هل نشهد عودة الرجل الذي غيّر شكل كرة القدم؟ أم يكون الموسم الحالي بداية نهاية أسطورة التدريب الإسباني؟ الأيام القادمة وحدها كفيلة بالإجابة.
إقرأ أيظا : مصير كارلو أنشيلوتي مع منتخب البرازيل بعد عزل رئيس اتحاد الكرة البرازيلي
أقرأ أيظا : برشلونة يتوّج بالثنائية 2025
